«إن من أهم شروط
الموضوعية هي أن تكون أحكامنا نابعة من الواقع كما هو وأن يكون الواقع مستقلا
عن ذاتيتنا، ولكي تكون الدراسة موضوعية يجب أن يتوفر فيها الاتفاق بين مختلف
الملاحظين عن نفس الحل، من هنا يبدو الحياد ضروريا أي أن يكون موقف الدارس من
الظاهرة نزيها، لا تؤثر فيه منفعة ولا مصلحة أو دافعا سيكولوجيا أو اجتماعيا أو
تاريخيا.
ولكن هذه الشروط لا
تتوفر في الظاهرة الإنسانية عند محاولة البحث فيها، إذ أن الملاحظات وأحكام الدارس
تتأثر بانتماءاته وثقافته وتربيته ومزاجه وتصوراته الخاصة، إلى جانب كونه غير
منفصل عن الظاهرة التي يدرسها بل يعيشها ويتعاطف أو لا يتعاطف معها بطريقة مباشرة
أو غير مباشرة، وهذا يجعل أحكامه متأثرة بمواقف شخصية ذاتية، الأمر الذي يجعل
الفصل بين الحكم والقيمة الذاتية الذي يدركه وحكم الواقع الذي يستلزمه البحث
العلمي متعذرا»
محمد عابد الجابري- مدخل إلى فلسفة
العلوم