الأستاذة لؤلؤة للفلسفة الأستاذة لؤلؤة للفلسفة
جديد الأخبار
جاري التحميل ...

آخر الأخبار

جديد الأخبار
جاري التحميل ...
جاري التحميل ...

مقالة: المقارنة بين الفلسفة والعلم

 قارن بين العلم والفلسفة

أولا: طرح المشكلة

إن سعي الإنسان الدائم لفهم حقيقة الوجود والعالم الذين يعيش فيه بمختلف أشيائه وظواهره، يجعله في مواجهة العديد من التساؤلات التي تستلزم حلا إما بطريقة علمية أو فلسفية، ورغم أن النظرة الأولية توحي بوجود إلتباس بين العلم والفلسفة إلا أن هناك اختلافا ظاهريا يدفعنا للتساؤل حول طبيعة العلاقة القائمة بينهما، فكيف يمكن التمييز بين العلم والفلسفة؟

ثانيا: محاولة حل المشكلة

1- مواطن الإختلاف:

يمكننا الحديث عن جملة من الاختلافات التي تميز بين العلم والفلسفة على مستويات عدة بداية من تعريفنا لكلاهما، حيث يعتبر العلم مجموعة من المبادئ والنظريات والقواعد التي تفسر الظواهر وتكشف عن العلاقات القائمة بينها، ومثال ذلك علم الفيزياء الذي يفسر بعض الظواهر مثل: الحركة، السرعة، الضغط، الاحتكاك، السقوط، الكتلة (العلاقة بين ظاهرة تبخر المياه وتشكل السحب ثم سقوط الأمطار) وكذا علم الاجتماع يدرس الظواهر الاجتماعية مثل: الانتحار، العنف، التسرب المدرسي، المشاكل الأسرية... الخ والعلاقة بين هذه الظواهر مثل علاقة المشاكل الأسرية بالانتحار، أما بالنسبة لتعريف الفلسفة فنجد الفيلسوف اليوناني أرسطو يعرفها بأنها "علم الوجود بما هو موجود" أي البحث في العلل الأولى للأشياء، وفي تعريف آخر للفيلسوف المسلم ابن سينا نجدها تعرف بأنها  "الوقوف على حقائق الأشياء كلها قدر ما يمكن للإنسان أن يقف عليه"، ومن خلال التعريفين يظهر لنا جليا أن هناك فرقا واختلافا واضحا بين الاثنين والموضوعات التي يتناولها كل منهما، فالعلم يثير مشكلات مجالها عالم الطبيعة والمحسوسات فهي مأخوذة من معطيات الواقع، وهو ما يجعل موضوعات العلم توصف بكونها حسية مادية حيث يدرس الفيزيقا أي العالم المادي الطبيعي الواقعي، إذ يهتم بدراسة القضايا المادية بكونها حسية مادية حيث يدرس الفيزيقا أي العالم المادي الطبيعي الواقعي، إذ يهتم بدراسة القضايا المادية فيدرس الظواهر في  جزئياتها أي التركيز على دراسة ظاهرة محددة، بينما نجد الفلسفة تثير إشكاليات مجالها القضايا الفكرية الميتافيزيقية، مثل: هل الأخلاق ثابتة أم متغيرة؟ فهي ذات طابع تجريدي، كما  تدرس الحقائق في كلياتها وشموليتها، وعليه  توصف موضوعات الفلسفة بأنها عقلية مجردة فهي تدرس الميتافيزيقا (العالم المعقول الماورائي) والتي تعني ما وراء الطبيعة أي المواضيع المجردة والخاضعة للتأمل مثل:الحرية، الديمقراطية ، والغيبيات مثل: القضاء والقدر، مسألة الخير والشر ..الخ. فهي تتجاوز الطبيعة والواقع إلى دراسة العلل الأولى للكون والوجود، ويتجسد الاختلاف بين العلم والفلسفة بشكل كبير في المنهج المستخدم للوصول إلى حلول وإجابات، فالعلم يعالج المشكلات بمنهج استقرائي تجريبي وهذا المنهج يقوم على خطوات أساسية ثابتة وهي الملاحظة والفرضية والتجربة وصولا إلى القانون المتفق عليه، وعلى النقيض من ذلك تعالج الاشكاليات الفلسفية بمنهج عقلي تأملي، فالفلسفة تعتمد المنهج التجريدي العقلي التأملي القائم على الاستنباط أو الاستنتاجـ  ومنه فالفلسفة تدرس الكون والحياة والإنسان دراسة شاملة وبصورة عقلية تجريدية تأملية، والاختلاف بينهما في الموضوع والمنهج يفضي في النهاية حتما إلى نتائج تختلف في العلم عن الفلسفة فالمشكلة في العلم قابلة للحل وبالتالي تكون النتائج العلمية هي عبارة عن نظريات وقوانين مضبوطة تصاغ بصورة رمزية تعبر عن الموضوعية، لأن المشكلات العلمية هي مشكلات كمية أي أنها  قابلة للتقدير والقياس والصياغة بصورة رمزية، بينما الإشكاليات الفلسفية لا تقبل التقدير الكمي ولا تحتمل حلا واحدا ما يجعل نتائج الفلسفة  هي عبارة عن آراء ومواقف تحتمل الصدق والكذب وبالتالي فهي نسبية ذاتية. وعليه فإن كل ما تم التطرق له من نقاط سابقة يوضح مدى الاختلافات الموجودة بين العلم والفلسفة.

2/ مواطن التشابه:

رغم ما بين العلم والفلسفة من اختلافات إلا أن هذا لا ينفي أن تكون بينهما جملة من التشابهات ونقاط الالتقاء فبالحديث عن الإثنين نجدهما يشتركان في دراسة موضوع واحد هو الكون والإنسان وبالتالي ضرورة وجود منهج للبحث. كما أن كلاهما ينشأ عن الفضول والدهشة والرغبة في البحث والاستكشاف حيث يقول كارل ياسبرس: "يدفعني الإندهاش إلى المعرفة فيشعرني بجهلي"، وهما بذلك يفتحان مجالا للتفكير والمعرفة والاستكشاف والتساؤل ..الخ، ومن نقاط الالتقاء بين العلم والفلسفة هو الرغبة في تجاوز  المعرفة العامية الساذجة والتخلص من الجهل وبالتالي يعتبران من أرقى صور التفكير عند الإنسان، فبعد أن كانت ظواهر الحياة والطبيعة تخضع لتفسيرات أسطورية خرافية نجد العلم والفلسفة أرسيا مبادئ التفكير الصحيح والمنطقي الذي من شأنه تفسير الظواهر الطبيعية والميتافيزيقية تفسيرا يتناسب وما يتقبله العقل الإنساني الواعي، وهو ما يجعل هدفهما واحدا وهو السعي للوصول إلى حقائق مطلقة حول الوجود والطبيعة والكون الإنسان.

3/ مواطن التداخل:

يمكن تحديد طبيعة العلاقة الرابطة بين العلم والفلسفة بالقول أنها علاقة اتصال وتكامل وظيفي يظهر في حاجة كل منهما للآخر وخدمته له، حيث يقول الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار (على الفيلسوف أن يكون على صلة بالتجارب العلمية .. وأن يأخذ العلماء أهمية للمذاهب الفلسفية النقدية .. لأن الإنفصال بين الإثنين لن يكون في مصلحة أحدهما). وتتجلى العلاقة بين العلم والفلسفة في كون كل منهما يخدم الآخر فإذا كان العلم هو المعرفة، فان الفلسفة هي تفكير في هذه المعرفة وخصائصها وأهدافها، وذلك بهدف نقدها وتصويبها. وهنا نجد أن العلم يقدم للفلسفة مسائل ومباحث جديدة ويساهم في إعادة النظر في بعض المفاهيم الفلسفية الجديدة فيقول الفيلسوف الألماني هيجل: "إن الفلسفة تظهر في المساء بعد أن يكون العلم قد ولد في الفجر" كما  شكلت الفلسفة محركا نشيطا ساعد العلم على الظهور، ثم طور كثيرا مناهجه وبالتالي دفع باستمرار معرفته إلى الأمام. فالفلسفة منذ ظهورها تبحث عن السبيل الأمثل لخلق معرفة تتميز بأكثر مستويات الموضوعية حول العالم، وذلك من خلال إبداع مناهج التفكير والبحث فهي دائما ما تصحح مسار العلم و تنتقد سلبياته وتكشف عيوبه وتعيد توجيهه نحو  المسار الصحيح و هذا ما تمثل في مبحث الإبستمولوجيا. فهي بذلك تلعب دور الرقابة على ما أنتجه العلم.حيث يقول وايتهد: "هناك مشروعية للفلسفة معا، وفي وسع كل منهما أن يعين الآخر"

ثالثا: حل المشكلة

نستنتج في الأخير أن العلم والفلسفة مفهومان ملتبسان ظاهريا والبحث حولهما يجعلنا نقف على نقاط عدة تظهر مدى الاختلاف بينهما خاصة على مستوى التعريف والموضوع المدروس ومنهج الدراسة والنتائج المتوصل إليها، غير أن هذه الاختلافات وإن كانت عميقة إلا أنها لا تمنع من قيام علاقة ضرورية بينهما تتمثل في الاتصال والتكامل الوظيفي الذي يتجسد في خدمة كل منهما للآخر لأن تحصيل المعرفة والتخلص من الجهل يجعل الالتحام بين العلم والفلسفة أمرا حتميا للوصول إلى أرقى مراحل التقدم والرقي.

عن الكاتب

الأستاذة لؤلؤة - أستاذة فلسفة. - خريجة المدرسة العليا للأساتذة (بوزريعة) تخصص: فلسفة - كاتبة

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الأستاذة لؤلؤة للفلسفة