«إنَّ الفلسفة لم تُوجد دائما،
إذ لا يُلاحظ وجود الفلسفة إلا في عالم يحتوي على ما نسمّيه علمًا أو علومًا بالمعنى
الدقيق: أي دراسة نظرية بالمعنيين الفكري والبرهاني، وليس رُكامًا من النتائج
الاختبارية. لكي تُولد الفلسفة أو تتجدّد نشأتها، لابد من وجود علوم. ولرُبَّما
كان هذا هو السبب في أنَّ الفلسفة بالمعنى الدقيق، لم تبدأ إلا مع "أفلاطون"،
وقد أدّى إلى ذلك وُجود الرياضيات اليونانية.
ثمّ قَلَبَ "ديكارت" هذه الفلسفة، وكانت
فيزياء «غاليلي» سبب ثورته - "ديكارت" – الحديثة في الفلسفة ثُمَّ عَمل "كانط"
على إعادة بناء صرح الفلسفة، وذلك تحت تأثير «نيوتن»، ثمّ أُعيدت صياغتها مع "هوسرل"
تحت تأثير نظام البديهيات.
إنِّي أُثير هذا الموضوع، الذي يجب إخضاعه للتمحيص، لكي
ألاحظ دائما، وعلى نَمَطٍ تجريبي، أنّ "هيغل" لم يُخطئ حين قال بأنَّ
الفلسفة تظهر في المساء، بعد أن يكون العلم قد وُلد في الفجر، وقد قطع زمن يوم
طويل.»
لوي ألتوسير، لينين والفلسفة